للاطلاع على محتويات الإعلان أنقر هنا  
صحيفة دولية تهتم باللغة العربية في جميع القارّات
تصدر برعاية المجلس الدولي للغة العربية

  المؤتمر الدولي الحادي عشر للغة العربية           موقع الجمعية الدولية لأقسام العربية           الموقع الجديد الخاص بالمؤتمر الدولي للغة العربية           الباحث العربي: قاموس عربي عربي           راسلنا         
الصفحة السابقة الصفحة الرئيسة

في دراسة للجامعية الجزائرية رشيدة سبتي نشرتها مجلة الإذاعات العربية.. أمام مخاطر العولمة: اللغة العربية ستتآكل من الداخل

سيماء المزوغي

 أطلقت أستاذة التعليم العالي رشيدة سبتي من كلية الإعلام والاتصال من جامعة الجزائر3 صيحة فزع من خلال دراسة لها عن «اللغة العربية في ظل العولمة»، نشرتها مجلة الإذاعات العربية

مفادها أنه إذا لم يُنتبه لمخاطر العولمة فإنّ اللغة العربية ستتآكل من الداخل.. واعتبرت الباحثة أنه لا يوجد تخوّف كبير على اللغة العربية، إلا من ناحية «تقاعس الحكومات ورجال المال لدعمها على أخذ مكانتها التكنولوجية ومحاولات إلحاقها حضاريا بالغرب».

تقول رشيدة سبتي في دراستها أنّ «عصر العولمة جاء ليزداد حجمُ الخطورة على اللغة العربية وغيرها من اللغات التي لم تفرض وجودَها بعدُ في أسواق الاقتصاد والتجارة العالَميّين وعالَم التكنولوجيا بصفة عامة وتكنولوجيا المعلومات بصفة خاصة. وممّا يذكر أنّ العولمة ليست اقتصاديةً مجرَّدةً، ولكن أخطر جوانبها هو الجانبُ الثقافي واللغوي. على أن خطر العولمة لا يُهدّدُ اللغات الصغرى والمَحلِّية وحدها كما يُشاعُ، بل أصبح يُهدِّدُ في المقام الأول وبدرجة أشدّ عدداً كبيراً من اللغات العالمية ذات المكانة المرموقة كالفرنسية والألمانية والإيطالية والإسبانية والبرتغالية وغيرها».

وتذكر أنّ الدكتور محمد عابد الجابري عرّف مفهوم العولمة قائلا :»هي العمل على تعميم نمط حضاري، يخصّ بلدا معيّنا هو الولايات المتحدة الأمريكية بالذات، على بلدان العالم أجمع، فهي ليست مجرد آلية من آليات التطور التلقائي للنظام الرأسمالي، بل إنها أيضا بالدرجة الأولى دعوة إلى تبنّي نموذج معيّن، بعبارة أخرى فالعولمة تعكس مظهرا أساسيا للتطور الحضاري الذي يشهده عصرنا، فهي إيديولوجيا تعبّر بصورة مباشرة عن إرادة الهيمنة على العالم وأمركته. فالعولمة هي تطور حضاري يشهده العصر يمسّ كل ميادين الحياة في المجتمع ويؤثر عليها سلبا أو إيجابا».

وتنفي رشيدة سبتي أنّ العولمة الثقافية بالضرورة ظاهرة سلبية في كل أشكالها، وتبيّن :»هناك نوعان من العولمة: العولمة الثقافية الأحادية، وهي التي تسيطر فيها ثقافة خارجية على ثقافة/ثقافات محلية. و العولمة الثقافية المتبادلة، و هي التي تتبادل فيها ثقافتان أو أكثر التأثير بشيء من التساوي. فهذا النوع فيه إيجابيا لصالح الأطراف المتفاعلة،بينما النوع الأول يضرّ بثقافة الطرف الضعيف المسيطر عليه. إنّ أوجه تأثير العولمة سلبية في أغلبها، على الرغم من إيجابية بعضها أو إمكان استغلالها في تحقيق عولمة اللغة العربية ذاتها».

التحديات التي تواجهها اللغة العربية في عصر العولمة
وعن التحديات التي تواجهها اللغة العربية في عصر العولمة، تقول الجامعية رشيدة سبتي « تتمثل في تيار الإنجليزية الجارف، وتتمثل مظاهر العولمة اللغوية في العالم العربي في : التداول بالإنجليزية في الحياة اليومية، وكتابة لافتات المحالّ التجارية بالإنجليزية واشتراط إتقان الإنجليزية للتوظيف، وكتابة الإعلانات التجارية بالإنجليزية، وكتابة قائمات الطعام في المطاعم بالإنجليزية، والتراسل، عبر الإنترنت والهواتف النقالة، بالإنجليزية، و يمكن أن نتحدث هنا عن وسيلة من وسائل تجسيد العولمة أو واسطة من وسائطها وهو الهاتف الجوال، الذي ساهم استخدامه من قبل

الأفراد في المجتمعات العربية بتخلّيهم عن استعمال اللغة العربية عند تشغيله بكل ملحقاته أو تطبيقاته، بحيث نجد إمّا استعمال اللغة الفرنسية أو الإنجليزية، رغم توفر نظام اللغة العربية في بعض الهواتف النقالة و الحواسيب، فهذا نوع من عدم التعاطف مع اللغة العربية من قبل أبنائها، وهذا نوع من التخلّف الآخر.فهل معنى ذلك أنّ اللغة العربية لا ترقى لتكون لغة الحواسيب والهاتف الجوال والإنترنت ؟ لكن العيب ليس في اللغة بل في مستعملي هذه التقنيات. هذا على المستوى الشعبي، أمّا على المستوى الرسمي فقد كفلت كثير من التشريعات الحكومية في البلاد العربية موقعاً متفوّقاً للغة الإنجليزية من حيث عدّها اللغة الأجنبية الأولى في النظم التعليمية».

اللغة العربية والمصطلحات الحاملة لمفاهيم ثقافية
وتضيف رشيدة سبتي:» الآثار السلبية للعولمة هي إضعاف اللغة العربية بتشجيع اللهجات العامية الإقليمية لكي يبقى باب الثقافة العربية مفتوحاً للغارة العالمية المتمثلة في الثقافة الأمريكية الشائعة عبر الأقمار الصناعية، والإنترنت، وغيرهما. ومخاطر العولمة في هذا الجانب أكبر من تأثير استعمال اللهجات العامية، أو الضعف اللغوي على الرغم ممّا بينهما من صلة. تعدّ «العولمة» غزواً فكرياً ثقافياً لغوياً لما تقتضيه من انصهار الأمم والشعوب الضعيفة بقيمها الثقافية، وممارساتها اللغوية في الأنماط الغربية الأمريكية الأحادية المتعاظمة. ويتجلى الغزو اللغوي في شيوع القيم، والممارسات الغربية بمصطلحاتها الأصلية، ومفاهيمها الأمريكية الإنجليزية، لقد تأثرت اللغة العربية في المصطلحات الحاملة لمفاهيم ثقافية، وفكرية، والمفردات العامة المستجدة، والصيغ، فلقد انشغلت اللغة العربية في العصر الحديث بالتعامل مع المصطلحات، والمفاهيم الحديثة الوافدة، بدلاً من الإسهام في البناء الحضاري. فوجد اتجاه لمعاملة المصطلح الوافد معاملة الدخيل، حيث يستعمل كما ورد بإجراء تعديل صوتي، أو صرفي مناسب، وحفاظ على المعنى، وهو اتجاه يحشو العربية بمفردات أجنبية، ويؤدي على المدى البعيد إلى مسخ هويتها».

واعتبرت رشيدة سبتي أنّ اللغة العربية مهيأة لتلعب دوراً فاعلاً في بناء مجتمع معرفة عربي يستقبل المعرفة وينتجها بالعربية؛ وذلك إذا تزايدت أهمية البعد اللغوي في تقانة المعلومات والاتصالات، وخاصة مع انتشار الإنترنت، يمكن أن يفضي إلى أن تصبح اللغة العربية من أهمّ مقوّمات التكتل المعلوماتي ومقابلة التحدي الذي تواجهه البلدان العربية في المنطقة.

واستنتجت أنه يمكن القول إنّ «هناك ربطاً مطَّرداً بين تقدّم اللسانيات الحاسوبية العربية ومنجزاتها وتقدّم العربية وتهيئتها لمستقبل أفضل؛ وذلك أنّ تعريب الحاسوب وملحقاته ومعدّاته سيكفل توفير برامج عربية صالحة للمجتمع العربي، ما يسهم في تحطيم احتكار الإنجليزية للحاسوب، وهو ما يؤدي أخيراً إلى أن يكون كلّ عربي، يعرف الإنجليزية أو لا يعرفها، قادراً على استعمال الحاسوب، وبذا تُوطَّن المعرفة الحاسوبية في بيئة عربية خالصة، وهذه هي أولى خطوات بناء مجتمع المعرفة المنشود».

غياب سياسات لغوية عربية
وبيّنت رشيدة سبتي «أنّ التخطيط اللغوي السليم: وهو يكاد يكون معدوماً في البلاد العربية؛ يتمثل ذلك في غياب سياسات لغوية عربية تسهم في حلّ كثير من القضايا اللغوية العالقة في المجتمع العربي. ورأت أنّ اللغة العربية، فإن أهلها لم يستثمروا العوامل الاقتصادية المتاحة لإنزال العربية منزلة عظمى تليق بها، كما فعل المتقدّمون؛ فقد تهيأت لنا فرصة ممتازة لنشر العربية ودعمها باستثمار العوامل الاقتصادية التي نشأت عن اكتشاف النفط في العالم العربي، وما ترتب على ذلك من تهافت الشركات والدول الأجنبية على الاستثمار في قطاع النفط وما يرتبط به من الخدمات والصناعات الضرورية. كما لم تستثمر البلدان العربية علاقاتها التجارية مع الدول الإسلامية المتقدمة لنشر العربية وترقيتها إلى مصاف اللغات العالمية، كماليزيا والباكستان وإندونيسيا وإيران. ومها يكن من أمر فإن الفرصة لا تزال قائمة لاستثمار مثل هذه الظروف».

وخلصت أنّ في عصر المعلومات أضحت اللغة تلعب دورا مركزيا، لأنها محور منظومة الثقافة، وأصبحت معالجة المعلومات عن طريق الكمبيوتر محور تكنولوجيا المعلومات التي تهيمن عليها اللغة الإنجليزية. و بتفاعل تكنولوجيا المعلومات مع ظاهرة العولمة، فإنّ التوجّه العام يسير في اتجاه فرض اللغة الإنجليزية كلغة العولمة وهو ما يؤدي في نهاية المطاف إلى هيمنتها على المعاملات التجارية والاقتصادية و ما سيتبع ذلك من سيادة ثقافة الدول الإنجلوفونية وقيمها، ويفضي إلى تهميش اللغات القومية.

واعتبرت الباحثة أنه لا يوجد تخوّف كبير على اللغة العربية، إلا من ناحية «تقاعس الحكومات ورجال المال لدعمها على أخذ مكانتها التكنولوجية و محاولات إلحاقها حضاريا بالغرب. فاللغويون و السياسيون وعلماء الاجتماع عادة ما يضعون عددا من المعايير التي تؤخذ كمؤشر على زوال اللغة أو بقائها. وهي: المؤشر الديمغرافي، والجغرافي، والتكنولوجي والإيديولوجي.

إن اللغة العربية منتشرة ديمغرافيا لدى نحو300 مليون عربي، ونحو 1.2 مليار مسلم. و منتشرة جغرافيا على الأقل على محور طنجا جاكارتا و في دول غربية بفضل الجاليات العربية والجاليات المسلمة، ويضمن لها الإسلام العنصر الإيديولوجي ولم يبق لها سوى الاهتمام التكنولوجي».
 

 

المغرب

التعليقات
الأخوة والأخوات

نرحب بالتعليقات التي تناقش وتحلل وتضيف إلى المعلومات المطروحة عن الموضوعات التي يتم عرضها في الصحيفة، ولكن الصحيفة تحمل المشاركين كامل المسؤولية عن ما يقدمونه من أفكار وما يعرضون من معلومات أو نقد بناء عن أي موضوع. وكل ما ينشر لا يعبر عن الصحيفة ولا عن المؤسسات التي تتبع لها بأي شكل من الأشكال. ولا تقبل الألفاظ والكلمات التي تتعرض للأشخاص أو تمس بالقيم والأخلاق والآداب العامة.

الاسم
البلد
البريد الالكتروني
الرمز
اعادة كتابة الرمز
التعليق
 
   
جميع الحقوق محفوظة © 2024
المجلس الدولي للغة العربية