للاطلاع على محتويات الإعلان أنقر هنا  
صحيفة دولية تهتم باللغة العربية في جميع القارّات
تصدر برعاية المجلس الدولي للغة العربية

  المؤتمر الدولي الحادي عشر للغة العربية           موقع الجمعية الدولية لأقسام العربية           الموقع الجديد الخاص بالمؤتمر الدولي للغة العربية           الباحث العربي: قاموس عربي عربي           راسلنا         
الصفحة السابقة الصفحة الرئيسة

الصحافة المغربية والحاجة إلى التدقيقي اللغوي

أ. عزيز باكوش

 تقديرا من فرع فاس – المغرب - للجمعية المغربية لحماية اللغة العربية لمكانة الإعلام ودور الإعلاميين اتخذت " اللغة العربية والإعلام بالمغرب" موضوعا للنقاش والتدارس في سياق تخليدها لليوم العالمي للغة العربية الذي يصادف 18 دجنبر 2015 . وتضمن برنامج الاحتفال، بعد كلمة الدكتور احمد العلوي العبدلاوي رئيس الجمعية المغربية لحماية اللغة العربية عرض وثائقي " لغة الضاد حضور وتفاعل وامتداد" ليتناول الدكتور امحمد طلال مدير المعهد العالي للإعلام والتواصل بالرباط مداخلة تحت عنوان" إشكالية اللغة العربية في الفضائيات العربية –المغرب نموذجا. واقتفى الدكتور محمد الزوهري عن كلية الآداب سايس بفاس" آثار اللغة العربية في الصحافة المكتوبة ."

وفي موضوع اللغة العربية من خلال وسائل الاعلام وراهن ما تطرحه من تحديات، تناولت بالتحليل العميق ذة بشرى بهيجي عن خلية الاعلام بالوكالة الحضرية وإنقاذ فاس "
وفيما يلي نص المداخلة التي تقدم بها عزيز باكوش تحت عنوان "الصحافة الوطنية والحاجة إلى التدقيق اللغوي"
عزيز باكوش
يسعدني كثيرا أن أشارك بهذه الورقة المتواضعة في هذا اللقاء الثقافي الوازن، الذي يشكل فرصة حقيقية لتلاقح الأفكار وتكاملها حول موضوع حساس له راهنيته ، سعيد وفخور أيضا بالمشاركة، وسط قامات علمية وأكاديمية وبين أسماء وتجارب إعلامية وطنية مشهود لها بالكفاءة والاقتدار 

لقاؤنا الإشعاعي اليوم يهدف فرع الجمعية المغربية لحماية اللغة العربية بفاس من خلال الاحتفاء به عالميا إلى مساءلة واقع لغتنا العربية والتماهي مع تجلياتها ، ومقاربة أشكال حضورها عبر وسائط الإعلام اليوم، وهي مقاربة لها راهنيتها ، سيما ونحن نعيش حقبة تاريخية حساسة جدا ،يسهم الإعلام في صناعة لغة الخطاب والتواصل بالمجتمع ، مثلما يسهم في صناعة الرأي العام ، حقبة تتميز بانفجار عام في تكنولوجيا الإعلام والاتصال ، وهي تحولات عولمية حولت عالمنا إلى قرية صغيرة ، يسعى فيها الأقوياء تكنولوجيا وإعلاميا إلى فرض لغتهم وثقافتهم وأسلوبهم في الحياة على الآخرين .
مشاركتي ليست حلا سحريا ، بل مجرد أداة قياس منهجي وصفي ،تسائل واقع استخدام اللغة العربية في عينة من وسائل الإعلامية المكتوبة والإلكترونية من خلال الكشف عن بعض من اختلالاتها ، قبل الحديث جماعيا وبصوت مسموع عن آفاقها المتوقعة ،عن التحديات وعن الرهانات في ظل التحولات المتسارعة على جميع الأصعدة محليا وإقليميا وكونيا؟

لذلك، ارتأيت أن تكون مشاركتي على مرحلتين ، الأولى سأقدم خلالها رصدا شبه ميداني لبعض القصاصات الخبرية على شكل صور، أريد لها أن تكون عصفا ذهنيا، والعصف الذهني كما يعلم الجميع أسلوب تعليمي تدريبي يقوم على حرية التفكير ، لمعالجة مشكلة معينة خلال فترة زمنية محدودة، وذلك بهدف التوصل إلى اقتراح حلول ابتكارية للمشكلة المطروحة . الصور التي سنشاهدها جميعا منتقاة من بعض الجرائد والصحف الوطنية لها علاقة بموضوع اللقاء، فيما سأقدم في المرحلة الثانية، قراءة متابعة للكشف والإحالة في أفق التداول والتقاسم والبحث المشترك عن الحلول المقترحة والبدائل الممكنة للمساهمة في حلحلة هذا المشكل ، وجره من منطقة العتمة الى دائرة الضوء ..
يتضح بعد هذا الرصد الميداني الحاجة الماسة إلى شيئين أساسيين : الأول أهمية التدقيق اللغوي أثناء وبعد التحرير الصحفي مع ضرورة التكوين والدعم المستمر .
الأمر الثاني : مسؤولية النقابة الوطنية للصحافة المغربية، وبعض الهيئات الموضوعاتية، وكذا مسؤولية الدولة من خلال أجهزتها الوصية ،فيما وصل إليه مستوى توظيف اللغة العربية من تردٍّ ناتج عن عدم الإلمام بأبسط القواعد، إن على مستوى التأهيل والضبط القانوني والتشريعي أوعلى صعيد التكوين والتكوين المستمر للمتعاونين والمراسلين حتى يستقيم الأداء، ويتم إيلاء اللغة العربية ما تستحقه من عناية واهتمام، وخصوصا منهم الوافدين الجدد على المهنة .
إن مقاربة موضوع اللغة العربية في علاقتها بالإعلام في تقديرنا يمكن رصده على مستويات عدة ، إذ فضلا عن الصحف اليومية والأسبوعية والشهرية ، هناك مواقع التواصل الاجتماعي ،تدوينات فايسبوك تويتر وغيرها ، والمواقع الإخبارية الإلكترونية، والقنوات التلفزية الفضائية وغيرها، ثم المحطات الإذاعية الحرة، واللوحات الاشهارية، والإعلانات بالعامية ، وكذلك برامج الواقع السمعية والبصرية مع ما تفرزه من إسفاف وابتذال لغوي 

طيب .. لماذا التدقيق والمعالجة اللغوية للنص ؟

إن مضمون أو محتوى النص المكتوب والمنشور يتسم بأهمية بالغة، ويمكن للطريقة التي يُعرض بها ومدى صحته وتماسكه، وخلوه من الأخطاء الشائعة التي يمكن أن تغتفر، والأخطاء القاتلة التي لا يمكن أن تغتفر، أن تؤثر تأثيراً كبيراً في الحكم عليه (وفي الحكم على الكاتب شخصياً).كما تصيب اللغة العربية كأداة للتواصل في مقتل، وإذا كان من الأهمية بمكان في عالم اليوم، أن نكتب وأن نحرر بلا أخطاء؛ فلأن الأخطاء تنعكس على الوضع الاعتباري للكاتب الصحفي انعكاساً سيئاً، سواء أكان ما يقدمه للنشر والاستهلاك الإعلامي تغطية صحفية ، أو تحقيقا أو استطلاعا أو مجرد خبر: انتحار، سرقة، حادثة سير، أو ربما تدوين سيرة ذاتية للحصول على وظيفة، أو حتى رسالة عبر بريد إلكتروني، أو رسالة خبرية عبر موقع تواصلي اجتماعي إلى أحد الزملاء.
ولكي يتفادى الكاتب الصحفي تلك الأخطاء ، التي شاهدنا نماذج منها ، ثمة اقتراحان لهما ثالث، الأول: ضرورة استشارة أخصائي لغوي أو انتداب أستاذ للعمل ضمن طاقمه الصحفي مقابل أجر رمزي ، من أجل القيام أثناء التحرير النهائي للمادة المراد نشرها بالتدقيق اللغوي اللازم ،والكشف عن الأخطاء المحتملة نحويا وصرفيا وإملائيا ... أما الاقتراح الثاني : فيبدو أن التكنولوجيا رائدة وسخية في هذا الباب ، إذ بات التدقيق اللغوي ممكنا متاحا ومجانيا ، سواء ضمن تطبيقات ضمنية أو تحت الطلب . فهذا الإجراء مطلوب في آخر مرحلة من مراحل عملية تحرير النص، وقبل نشره وجعله مادة للاستهلاك الإعلامي . 
ويمكن في هذا السياق ، الإشارة إلى أن بعض الجرائد الوطنية التي تحترم نفسها وقراءها ، تبرز في جينيريك الجريدة أسماء أربعة معالجين لغويين مهمتهم التصحيح والتدقيق اللغوي " جريدة الأخبار مثلا" كما أن جريدة الاتحاد الاشتراكي كانت تتوفر على ستة مدققين لغويين قبل أن تكلف جزءاً منهم بالتحرير ومهام أخرى . وإذا كان ضعف ذات اليد عائقا أمام الجرائد المستقلة فإن التدقيق والتصحيح اللغوي الآلي الأوتوماتيكي عملية بسيطة جدا ،مرتبطة بالنص ذاته، يمكن أن يقوم بها الكاتب في ثوان معدودة ، فهي في جوهرها تركز على جرد للبدائل الممكنة للتصحيح اللغوي للكلمات التي تحتها سطر أحمر، في إشارة إلى عدم ملاءمتها مع قاموس الجهاز، وهي تؤشر الأخطاء السطحية (المرئية) كالأخطاء الإملائية والنحوية والترقيم إلى غير ذلك، كما تؤشر على الصحيح للمصادقة ،وتتجاهل غيره.
ويمكن لهذه العملية البسيطة أن تكون فاصلا بين الحصول على وظيفة، أو السقوط في خيبة أمل كبرى مدى الحياة. إذ فضلا عن استخدام التدقيق اللغوي بالنسبة للمنتسب لمهنة الصحافة، في الكشف عن الأخطاء المطبعية البسيطة مروراً بالأخطاء الإملائية الفادحة، إلى الأخطاء النحوية المعقدة والاستخدامات الخاطئة للكلمات، وأحيانا يدعوك إلى إعادة صياغة الفكرة وربما الجملة ولا يكتفي بذلك بل يقدم بدائل أخرى، فهو برنامج مصمم بذكاء، يلتقط ويصحح الأخطاء التي يمكن أن تغفلها أدوات التدقيق اللغوي التقليدية بنجاح فائق وسرعة مذهلة .
لقد أضحت الكتابة والتحرير الصحفيان اليوم أكثر سرعة وسهولة مع المدقق اللغوي ، ولذلك ، وفي حالة الاستعجال ،لن يضطر الصحفي إلى أن يطلب من زملائه إجراء تدقيق لغوي على ما يكتبه . فاستخدام المدقق اللغوي سواء على الإنترنت مباشرة لتدقيق النصوص أو بعد تنزيل وتثبيت التطبيق بالكامل يعفيه من هذا التعب، (ولو أن ذلك لا يتحقق دائماً على النحو المنشود) ومع التحديث والتطوير التقني ، أصبح يوفر أيضاً خاصية الاستماع للنصوص وييسر برنامجاً تعليمياً كاملاً من شأنه أن يساعد في التعلم من الأخطاء المرتكبة وتجنب تكرارها في المستقبل.

من المحقق أن الصحافة المكتوبة اليوم وخصوصا الجهوية منها ، تمثّل آلية ناجعة للتنمية الجهوية بامتياز ، كما تمثل رافعا قويا لإحياء اللّغة العربية ودعمها وتطويرها ،وذلك عبر نشرها مواد سليمة خالية من الشوائب والأخطاء المطبعية . فالجريدة الأسبوعية والنصف شهرية والشهرية، والتي تصدر متى شاء الله ، من المفترض أن توفّر انتشارا سليما وراقيا للّغة العربية، حتى تضمن الرغبة في اقتنائها، وإسماع صوتها في سوق التداول الورقي الهادر، وبذلك تصبح الشاهد الأول على حيوية اللّغة العربية التي أصابها اليوم قدر كبير من الإهمال جراء تدني الإلمام بأبسط قواعدها، ولعل من المفارقات المرعبة في صحافتنا اليوم، أن ينقلب الدور من الاهتمام بعملية النهوض باللغة العربية إلى وجود من يعبث بها ،ويساعد على تفكيك أوصالها، ما يجعل الرسالة الإعلامية تسير في اتجاه معاكس لأهدافها.
يشدنا الحنين إلى مرحلة بداية الستينيات، مع انطلاق البث التلفزيوني وقبله الإذاعي، خصوصا على صعيد تقديم الأخبار الرئيسة بالقناة الأولى،وهي مرحلة مشرقة أفرزت الكثير من الأسماء والتجارب الرائدة والمميزة على مستوى الإلقاء السليم، والأداء اللغوي الذي يشد الروح، وعلى مستوى النبرة الصوتية العالية والصافية النافذة بلطف إلى المسامع، فكانت المرحلة بتميزها وإشراقها أحد عوامل الجذب الجميلة للمشاهد والمستمع المغربي للنشرات الإخبارية الرئيسَة،والبرامج الفنية على السواء ، صحفيات وصحفيون بارزون طبعوا مسيرة هذه المؤسسة الإذاعة والتلفزة المغربية على نحو ايجابي ما زال صداه يتردد إلى الآن.
خلاصة ، يمكن اعتبار المدقق اللغوي: صحفيا أم تقنيا في الجرائد والصحف الوطنية اليومية وغيرها أحد الأعمدة والضمانات الرئيسة في صحة وسلامة المحتوى الإعلامي، وصمام أمان إضافي يختبر مدى كفاءة وصحة المادة الإعلامية إذ يتولى المدقق مسؤوليات حساسة جدا ،بوصفه مكملاً لمهام التحرير لذلك، بات من الضروري للجسم الإعلامي اليوم الإسراع في معالجة هذا الأمر حفاظا على الْهُوية العربية، وصيانة للغة العربية ذاتها، لأن الصحافة رسالة حضارية موجهة وجليلة، تخاطب أكبر شريحة من المتلقين بروح من الجلالة والخلق الرصين، وهو ما يكسب المحتوى الصحفي مزيداً من الاحترافية والكمال.
وإنجاز عمل مكتمل يخلو من الأخطاء، مهمة لم تعد صعبة اليوم في ظل القفزة التكنولوجية التي يعرفها قطاع النشر والإعلام، حتى تؤدي الصّحافة المكتوبة، في المغرب دورًا مهمًّا في نشر الوعي الاجتماعيّ والعلميّ والسياسيّ والهوياتي بين أفراد المجتمع بعيدا عن الإسفاف الحاصل اليوم ، وبدل المساهمة في تقويض دعائم اللّغة العربيّة التي يبدو أنها انزاحت عند الكثيرين إلى النّزعة الوظائفيّة الإخباريّة، أكثر ممّا اعتنت بالوجهة الجماليّة الكامنة في اللّغة" شكرا لإصغائكم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته


 
 

دنيا الوطن

التعليقات
الأخوة والأخوات

نرحب بالتعليقات التي تناقش وتحلل وتضيف إلى المعلومات المطروحة عن الموضوعات التي يتم عرضها في الصحيفة، ولكن الصحيفة تحمل المشاركين كامل المسؤولية عن ما يقدمونه من أفكار وما يعرضون من معلومات أو نقد بناء عن أي موضوع. وكل ما ينشر لا يعبر عن الصحيفة ولا عن المؤسسات التي تتبع لها بأي شكل من الأشكال. ولا تقبل الألفاظ والكلمات التي تتعرض للأشخاص أو تمس بالقيم والأخلاق والآداب العامة.

الاسم
البلد
البريد الالكتروني
الرمز
اعادة كتابة الرمز
التعليق
 
   
جميع الحقوق محفوظة © 2024
المجلس الدولي للغة العربية