للاطلاع على محتويات الإعلان أنقر هنا  
صحيفة دولية تهتم باللغة العربية في جميع القارّات
تصدر برعاية المجلس الدولي للغة العربية

  المؤتمر الدولي الحادي عشر للغة العربية           موقع الجمعية الدولية لأقسام العربية           الموقع الجديد الخاص بالمؤتمر الدولي للغة العربية           الباحث العربي: قاموس عربي عربي           راسلنا         
الصفحة السابقة الصفحة الرئيسة

لمحات في أثر العربية... على اللغات العالمية

أ. خلف الخطيمي الخالدي

 أثّرت اللغة العربية تأثيراً بالغاً ومشهوداً في جميع اللغات العالمية، ولم يكن تأثير اللغة العربية تأثيراً لفظياً فحسب، بل امتد ذلك التأثير إلى الأدب والضمير الشعبي.

وأصبح الحرف العربي أهم الحروف العالمية لكتابة اللغات الأممية وكذلك انتشرت المفردة العربية في جميع لغات العالم، وأصبحت مفرداتها مفردات أصيلة في قواميسها، وقد ذكر المستشرقون الذين كتبوا عن اللغات السامية: «إن انتشار العربية ليعتبر من أصعب الأمور التي استعصى حلها، فقد كانت غير معروفة، فبدت فجأة على غاية من الكمال سلسة وغنية وكاملة ولم يحدث ذلك للغة من لغات الأرض، فإن العربية وبلا جدال قد عمت أجزاء كبرى من العالم»(1) وكذلك ذكر المستشرقان انجلمان ودوزي في كتابهما «معجم المفردات الأسبانية والبرتغالية المشتقة من اللغة العربية» بأن الكلمات العربية الموجودة في اللغة الأسبانية تعادل ربع كلمات اللغة الأسبانية وأن في اللغة البرتغالية ما يربو على ثلاثة آلاف كلمة عربية «وفي زيارة ثقافية للجمهورية الإيرانية التقى الباحث مع رئيس اللجنة الثقافية في مجلس الشورى الإيراني الأستاذ حداد عادل وتحدث عن أن هناك مشروعاً قومياً لتصفية اللغة الفارسية من المفردات الدخيلة، وبسؤال الباحث عن اعتبار اللغة العربية من اللغات الأجنبية الدخيلة، فرد بأن اللغة الفارسية بها أكثر من خمسين ألف مفردة عربية وأن اللغة الفارسية لغة إيران واللغة العربية لغة الإيمان».

وإذا تتبعنا المفردات العربية في اللغة الإنكليزية نرى أن الفتح العلمي لم يترك أرضاً في القارة الأوروبية دون أن يصلها، وسنجد عدداً كبيراً من الكلمات العربية في اللغة الإنكليزية، وقد قام ابلارد من باث«Abelord of Bath» الذي كان من أهم العلماء الأوروبيين بترجمة جداول الخوارزمي الفلكية إلى اللاتينية واشتقت كلمة «algorithm» من اسم الخوارزمي ذاته وكذلك«algebra» من مصطلح الجبر التي تعني إعادة وصل الأعداد المكسورة وأن هذا التدليل فقط تدليل عابر على تأثير اللغة العربية والثقافة الإسلامية على جميع اللغات والثقافات والعلوم العالمية.

جذور اللغة العربية

إن إدراك العلاقات التاريخية بين اللغات لم ينتظم على أساس منهجي واضح في إطار نظرية شاملة إلا بعد تصنيف اللغات الهندية- الأوروبية بمنهج علمي واضح، وكان لهذا المنهج أثره المباشر عند الباحثين في اللغات السامية فحاولوا التوصل بنفس المنهج لتطبيق اللغات السامية (2).

وقد صنف المحدثون اللغات السامية عموماً إلى شرقية وغربية كما تنقسم السامية الغربية إلى غربية شمالية، وغربية جنوبية وقد صنفت العربية على أنها لغة سامية.

في مستهل العهد الساماني* (261هـ- 389هـ) كان عدد الألفاظ العربية في الفارسية محدوداً ولا يتجاوز الخمس أو العشر في المئة من الألفاظ الفارسية أما في النصف الثاني من القرن الخامس الهجري أصبحت خمسين في المئة وأما في القرن السادس والسابع والثامن الهجري زادت كثيراً حتى بلغت ثمانين في المئة.

وأن اللغة الفارسية احتوت من الألفاظ العربية على شيء كثير، فمن الباحثين من أحصى عدد المفردات العربية في بعض النصوص في كتب التراث الفارسي فقال إن في الصفحة الأولى من «تاريخ البيهقي» استخدم الكاتب مئة وخمساً من الكلمات العربية من مئتين وست وخمسين كلمة فارسية وفي العصر الحديث منهم من أحصى اثنتين وأربعين كلمة عربية في إحدى خطب شاه إيران من أصل مئة وعشرين كلمة فارسية.

وكانت اللغة الفارسية أكثر اللغات العالمية تأثراً باللغة العربية وبدا تأثير العربية في آدابها وأشعارها ومازال الشعر الفارسي يكتب على أوزان الخليل.

ومن خلال هذه الدراسة البسيطة وجدت أن هناك من يريد أن يثبت العكس ويؤكد أن اللغة الفارسية هي اللغة المؤثرة في العربية وأن انتقالها للترك نقل المفردات العربية وبفضلها وصلت العربية إلى الشرق وهذا الأمر افتراء على التاريخ.

ومن يرد الحقيقة فليقرأ الفارسية ويسمع ألفاظها ومن خلالها يكتشف من المؤثر ومن المتأثر.

فقد دخل الفرس في دين الله أفواجاً تاركين أفكارهم ودينهم وأقبلوا على الدين الجديد في عقيدته بعد أن رأوا فيه نجاتهم من الأوضاع السيئة التي سادت بالمجتمع الإيراني على يد الديانة الزرداشتيه، والديانات الأخرى وأقبلوا على تعلم اللغة العربية لغة الدين وبرعوا فيها، وجدّوا في تعلمها ونشرها، وفقدت الفارسية مكانتها بين رجال الدين والعلماء والكتاب وظلت حبيسة الطبقات الدنيا والمتوسطة ولم يكتب شيء باللغة الفارسية طوال ثلاثمئة عام تقريباً(3).

وفي القرن الثالث الهجري نشأت الدويلات الفارسية متمتعة بنوع من الاستقلال بعد أن ساهم الطاهريون* في النزاع بين الأمين والمأمون الذي انتهى بإعطائهم قدراً من الاستقلال عن الخلافة الإسلامية وتعتبر الفارسية إحدى اللغات المكتوبة في الحروف العربية وعدد حروفها 28 حرفاً عربياً بالإضافة إلى أربع حروف (ژ)، (پ) و(ک)، (چ)، في مجموع 32 حرفاً.

«اللغة التركية يتحدث بها الكثير من القارة الأوروبية والقارة الآسيوية وعدد المتحدثين بهذه اللغة يربو عن مئة وثلاثين مليون متحدث والذين يتكلمون التركية يشغلون البقعة الممتدة من القسم الجنوبي الشرقي من أوروبا حتى الحدود الصينية شرقاً»(4) ويبلغ عدد المتحدثين بها بنحو اثنتي عشرة دولة.

«فالأدب التركي القديم منظومة ومنثورة ظل مفعماً باللغة العربية ستة قرون من الزمان بل أن الشعراء المجددين الترك من أمثال (نامق كمال) و(توفيق فكرة) و(رجائي أكرم) في نهاية القرن التاسع عشر ومستهل القرن العشرين أكثروا من إيراد اللغة العربية في أشعارهم، فكان أدبهم أدب الخواص لا أدب العوام؛ ولم تعد العربية في أشعارهم خطأ ولا دخيلاً» (5).

إن لغة الهوسا أكثر انتشاراً في أفريقيا فهي تمتد غرباً من السنغال إلى مرتفعات الحبشة شرقاً فلا تكاد دولة من دول الحزام السوداني إلا ويتكلم بعض مواطنيها لغة الهوسا (6).

وقد دخل ملوك الهوسا في عام 1800م الإسلام واعتبروه الدين الرسمي لشعوبهم، ولغة الهوسا تعتبر اللغة الثانية من حيث عدد الناطقين بها في أفريقيا وكانت تستخدم الحرف العربي في كتاباتها قبل إحلالها في الحرف اللاتيني.

إن اللغة الإنكليزية استعارت من مفردات اللغة العربية ما يقدر بنحو ثلاثة آلاف كلمة يوردها أضخم المعاجم الإنكليزية وأوثقها باعتبارها كلمات عربية بطرق مباشرة أو غير ذلك.

وقدم المستشرق تايلور بحثاً بعنوان الكلمات العربية في اللغة الإنكليزية ARABICK WORDS IN ENGILSH، ذاكراً فيه ما يزيد على ألف كلمة عربية في الطب والكيمياء والفلك والبيولوجيا والجراحة (7).

اللغة الأسبانية (8)... نظراً للوجود العربي فترة طويلة في أسبانيا ما بين 711م 1609م كان تأثير اللغة العربية تأثيراً بالغ الأثر ونتيجة لذلك برزت العديد من أسماء الأماكن وأسماء الأعلام.

«فكل لغات الإيبيرية تظهر عليها ملامح التأثر باللغة العربية الأندلسية وهي اللغة السائدة في المنطقة الإسلامية في شبه الجزيرة الإيبيرية في القرن التاسع الميلادي».

وفي طبيعة الحال كان بين الممالك العربية الإسلامية والمسيحية العديد من العلاقات التجارية والعلمية وكان كثير من الناس يجيدون اللغتين ويتنقلون بين منطقة وأخرى نتج عنها تبادل لغوي كبير، والجدير بالذكر أن هناك طلباً قائماً من رئيس إقليم كتالونيا من إحدى الدول العربية لتعليم اللغة العربية في المدارس الكتالونية.

* باحث وشاعر كويتي

* ورقة عمل ألقاها خلف الخالدي في المنتدى العربي الأول للنهوض باللغة العربية في جامعة الدول العربية، قطاع الشؤون الاجتماعية- إدارة الثقافة

المصادر والمراجع:

(1) الزهراني، متعب، مقال في موقع جامعة أم القرى.

(2) كمال الدين، حازم علي، معجم مفردات المشترك السامي في اللغة العربية، مكتبة الآداب، القاهرة، 2008م.

(*) الساماني سلالة تركية حكمت ما وراء النهر وأجزاء من فارس بين 819/999م.

(3) السباعي، محمد السباعي، في اللغة الفارسية وآدابها، القاهرة، مكتبة الشباب، د.ت

* الطاهريون، سلالة عربية من قبيلة خزاعة، تولت إمرة ولاية خراسان أثناء الخلافة الإسلامية العباسية بين عام (205هـ - 259هـ)

(4) الملا عبد الرحمن أحمد طالب، الكلمات المنسدلة في اللغات العربية والتركية والفارسية ط1، 2015م.

* افتتح بها جامع كبير على نفقة «السيد/عبد المحسن المعوشرجي»- الكويت عام 2009م.

(5) مصدر سابق.

(6) معجم، عربي، هاوسا بالحرف القرآني- منشورات ايسيسسكو 1999.

(7) أبو غوش، سليمان، عشرة آلاف كلمة انجليزية من أصل عربي، ط1، 1977م.

(8) الشمري، د. ظاهر مطر، مقال غير منشور.
 

الراي

التعليقات
الأخوة والأخوات

نرحب بالتعليقات التي تناقش وتحلل وتضيف إلى المعلومات المطروحة عن الموضوعات التي يتم عرضها في الصحيفة، ولكن الصحيفة تحمل المشاركين كامل المسؤولية عن ما يقدمونه من أفكار وما يعرضون من معلومات أو نقد بناء عن أي موضوع. وكل ما ينشر لا يعبر عن الصحيفة ولا عن المؤسسات التي تتبع لها بأي شكل من الأشكال. ولا تقبل الألفاظ والكلمات التي تتعرض للأشخاص أو تمس بالقيم والأخلاق والآداب العامة.

الاسم
البلد
البريد الالكتروني
الرمز
اعادة كتابة الرمز
التعليق
 
   
جميع الحقوق محفوظة © 2024
المجلس الدولي للغة العربية