للاطلاع على محتويات الإعلان أنقر هنا  
صحيفة دولية تهتم باللغة العربية في جميع القارّات
تصدر برعاية المجلس الدولي للغة العربية

  المؤتمر الدولي الحادي عشر للغة العربية           موقع الجمعية الدولية لأقسام العربية           الموقع الجديد الخاص بالمؤتمر الدولي للغة العربية           الباحث العربي: قاموس عربي عربي           راسلنا         
الصفحة السابقة الصفحة الرئيسة

عندما كان المغرب يفرض العربية على أوروبا ويرغم السفراء الأجانب على إتقانها

 من خلال مئات المعاهدات والاتفاقيات والعقود التي أبرمها المغرب مع غيره من الدول سيتضح أن المفاوض المغربي كان يتمتع على الدوام بحاسة فقهية متميزة وروح قانونية متوثبة مما كان يؤهله للحصول على ما تصبو إليه دولته بأيسر الطرق غير أن اللباقة في التفاوض لم تكن تعني التنازل عن مصالح البلاد ، فالكم الهائل من السفارات المغربية الناجحة التي بلغت غاياتها يدل بجلاء على أن الدولة حرصت أثناء التفاوض على عدم التنازل عن أي حق من حقوقها، وعلى رأس هذه الحقوق، حسن التقدير واحترام التقاليد والعادات المغربية ولغة المغاربة ، وقد عد المفاوضون لغة التفاوض من أهم ما يجب أن يحترم أثناء المعاهدات والاتفاقيات فهي المعيار الأهم الذي يحدد على ضوئه موقف طرفي التفاوض ، فاللغة التي تهيمن أثناء هذه المفاوضات وأثناء تحرير المعاهدات هي لغة الطرف الأقوى وهو الطرف الذي سيملي شروطه وسيحقق مصالحه، إن أهمية اختيار اللغة

في التفاوض ستدفع المغرب إلى تبني طقوس صارمة في هذا الاتجاه وصلت حد رفض الرسائل التي لم تكتب بالحرف العربي.

المغرب يفرض العربية على المفاوضين الأجانب
لقد أشار غير واحد من المؤرخين إلى أن السفير الأجنبي كان يصل إلى المغرب ومعه أوراق اعتماده، وقبل مقابلة السلطان كان يجري مقابلة تمهيدية مع رجال دولته ،وفي اليوم المحدد يقدم بنود الاتفاق المقترح فصلا فصلا ، بعد أن يكون السلطان قد أخذ فكرة مستفيضة عنه قبل لقائه ، وغالبا ما كان السفير يغتنم الفرصة لطلب تحرير أسرى دولته فيستجاب لطلبه وعندما تتم المفاوضات يحرر مشروع الاتفاقية بالعربية أولا ثم يترجم للغة الأخرى ثم تمضى النسخ وتطبع بالطابع الملكي ،فإن كان الاتفاق خارج المغرب كإسبانيا مثلا فعادة ما كانت تختصر الطقوس إذ أن الإسبان كانوا على دراية تامة باللغة العربية ، يؤكد ذلك ما نقلته وثيقة دونها القس ألفارو القرطبي والتي يتحسر فيها على إقبال الشباب المسيحي على العربية يقول ” يطرب إخواني المسيحيون بأشعار العرب وقصصهم، فهم يدرسون كتب الفقهاء والفلاسفة المحمديين لا لتفنيدها، بل للحصول على أسلوب عربي صحيح رشيق. فأين تجد اليوم عالمًا مسيحيًا يقرأ التعليقات اللاتينية على الكتب المقدسة؟

وأين ذلك الذي يدرس الإنجيل وكتب الأنبياء والرسل؟
واأسفاه
إن شباب المسيحيين الذين هم أبرز الناس مواهبا ، ليسوا على علم بأي أدب ولا أية لغة غير العربية، فهم يقرؤون كتب العرب ويدرسونها بلهفة وشغف، وهم يجمعون منها مكتبات كاملة تكلفهم نفقات باهظة، وإنهم ليترنمون في كلّ مكان بمدح تراث العرب.

وإنك لتراهم من الناحية الأخرى يحتجون في زراية إذا ذكرت الكتب المسيحية بأن تلك المؤلفات غير جديرة بالتفاتهم
فواحرّ قلباه!
لقد نسي المسيحيون لغتهم، ولا يكاد يوجد منهم واحد في الألف قادر على إنشاء رسالة إلى صديق بلاتينية مستقيمة! ولكن إذا استدعى الأمر كتابة بالعربية، فكم منهم من يستطيع أن يعبر عن نفسه في تلك اللغة بأعظم ما يكون من الرشاقة، بل قد يقرضون من الشعر ما يفوق في صحة نظمه شعر العرب أنفسهم “.
سفراء المغرب يرفضون رسائل ملوك أوربا التي لم تكتب بالعربية
ومن الجدير بالذكر أن المغرب كان يرفض المراسلات الواردة عليه من أوربا إن لم تكن مكتوبة بالحرف العربي وهكذا نجد أن سفيرا مغربيا بفرنسا عام 1777م يرفض قبول ترجمة بالعربية لرسالة بالفرنسية كتبها لويس الرابع عشر ويؤكد على أن النسخة المعتمدة يجب أن تكون بالعربية ، بل إن من سفراء المغرب من رفض التواصل بغير العربية مع إتقانه للغة الدولة التي أرسل إليها سفيرا كما هو الشأن بالنسبة لابن وزير سفير الموحدين الذي رفض الحديث مع ملك قشتالة بالقشتالية رغم أنه يتقنها.
كانت اللغة العربية هي اللغة الرسمية للمغرب في كل الدول التي تعاقبت على حكمه وهي المعتمدة في الدواوين والمراسلات وسائر الأجهزة التابعة للإدارة المركزية، ولم يسمع عن ملك مغربي سمح بالإخلال بها أو الانتقاص من مكانتها، بل على العكس من ذلك فقد تبارى هؤلاء الحكام في انتقاء أنفس المخطوطات العربية وعرف عنهم القاصي والداني شغفهم بالحديث بها حتى إنك لتجد أعظم ملوك المسيحية يختارون كتابا من الملمين بالعربية في دواوينهم لمراسلة ملوك المغرب باللغة المفضلة لديهم، والشواهد على ذلك كثيرة نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر الرسالة الموجهة للمنصور الموحدي قبل الأرك وتلك التي وردت على ابن تاشفين قبل الزلاقة، وتنقل المصادر التاريخية أنه لم يعرف أن سفارة بلغت مآربها قبل أن يعرف مضمونها إلا ما كان من شأن سفارة لسان الدين بن الخطيب التي وقف فيها مرددا لأبيات من عيون الشعر بين يدي أبي عنان المريني ، فطرب هذا الأخير لجمال شعره وقوة لغته فأقسم ألا يعيده إلى بلاده إلا وقد قضى كل حاجاته ، وفي رسالة السلطان إسماعيل العلوي لملك فرنسا لويس الرابع عشر يبلغ التعلق بالعربية حد التفاخر بالانتساب إليها حيث يقول “فنحن معشر العرب لا نعرف إلا الصحيح ، ولا يسرنا إلا ما فيه مصلحة المسلمين”
وسيفرض اهتمام ملوك المغرب بالعربية اهتماما مماثلا في كل دول البحر الأبيض المتوسط حيث نجد أن مئات الكلمات العربية تنساب إلى القاموس البرتغالي والإسباني والفرنسي والإيطالي بل وستصل إلى أمريكا اللاتينية كما سنجد أن دواوين ملوك البرتغال والأنجليز والأمريكان تضم كتابا يعتنون بالحرف العربي ويبذلون جهدهم في تجويده لا لشيء إلا للحفاظ على المصالح التي تجمعهم بالمغرب.
 

نون

التعليقات
الأخوة والأخوات

نرحب بالتعليقات التي تناقش وتحلل وتضيف إلى المعلومات المطروحة عن الموضوعات التي يتم عرضها في الصحيفة، ولكن الصحيفة تحمل المشاركين كامل المسؤولية عن ما يقدمونه من أفكار وما يعرضون من معلومات أو نقد بناء عن أي موضوع. وكل ما ينشر لا يعبر عن الصحيفة ولا عن المؤسسات التي تتبع لها بأي شكل من الأشكال. ولا تقبل الألفاظ والكلمات التي تتعرض للأشخاص أو تمس بالقيم والأخلاق والآداب العامة.

الاسم
البلد
البريد الالكتروني
الرمز
اعادة كتابة الرمز
التعليق
 
   
جميع الحقوق محفوظة © 2024
المجلس الدولي للغة العربية