|
|
|
|

نعم للغة العربية في التعليم الجامعي
د. محمد حسين بريك
ما دفعني للكتابة حول هذا الموضوع قصة سمعتها من صديق اردني جمعته الصدفة باحد الاساتذة الألمان في احدى الجامعات الالمانية يدرس الاختصاص في الطب و يملك تجارب عدة مع طلبة عرب من بلدان عربية مختلفة فما كان من صديقنا الاردني الا ان سأله عن أفضل الطلبة العرب من الذين درسوا و يدرسون معه و كان لا يرضي صديقنا الاردني الا أن يقول له ذلك الاستاذ الألماني انهم الطلبة الاردنيون و لكن الجواب كان غير ذلك علما بأن هذا الاستاذ يعلم تماما عن مستوى الجامعات الاردنية و تميزها و خصوصا تلك التي تدرس الطب، الشيء الذي دفعه للبحث عن السبب و بعد البحث تبين لذلك الاستاذ أن السبب يعود الى أن أفضل الطلبة يدرسون في المرحلة الجامعية الاولى في بلدهم باللغة العربية، في الوقت الذي يدرس طلبة الطب في جامعاتنا باللغة الانجليزية. و على الرغم من الفارق الكبير بين المحتوى العلمي لكتب الطب باللغة الانجليزية مع تلك المكتوبة باللغة العربية الا أن تحصيل الطلبة الذين يدرسون بلغتهم الام مستخدمين كتبا ذات مستوى علمي متواضع قد يتجاوز تحصيل طلبة عرب اخرين يدرسون بلغة اجنبية.
مما لا شك فيه ان هنالك الكثير من الكتب العلمية باللغة العربية في الكثير من مجالات المعرفة كالطب و الهندسة و العلوم، و لكن هذه الكتب هي نتاج محاولات فردية تخدم اهدافا محددة كالترقية و العائد المادي و لا يرقى محتواها العلمي الى تلك المكتوبة باللغة الانجليزية، و يكفي ان تقرأ عددا قليلا من صفحات هذه الكتب حتى تتعرف على جنسية مؤلفها أو مترجمها و من المؤكد ان الوقت قد حان لانتاج كتب علمية باللغة العربية ذات محتوى علمي متميز و بطرق مبتكرة.
اللغة العربية لغة مكتملة النضوج، و مؤهلة تماما لاستيعاب العلوم المعاصرة و من يشككون في ذلك لا يستندون في شكوكهم الى اسس علمية و الذين يتعذرون بكيفية التعامل مع المصطلحات العلمية اقول لهم فلنترجمها كما هي حرفا بحرف في المرحلة الاولى الى ان نجد لها رديفا في اللغة العربية، هذه اللغة التي وسعت قراننا الكريم تستحق منا التقدير و تستحق منا ايضا ان نعيد لها ألقها و مجدها من جديد.
الاردن و الذي يتمتع بمستوى علمي مرموق بين الدول العربية و الذي تضم جامعاته مئات بل الآف الاساتذة المتميزين يستطيع ان يشكل نواة لجهد عربي لانتاج الكتب العلمية باللغة العربية عن طريق الترجمة و التاليف. و في هذا الخصوص يستطيع صندوق دعم البحث العلمي تحت بند المشروعات البحثية ذات الصبغة الوطنية ان يلعب دورا مهما في ترجمة و تاليف الكتب باللغة العربية بطرق مبتكرة. الاشارة الى دور صندوق دعم البحث العلمي في هذا الشان لا يقلل من الدور الذي من الممكن ان تلعبة عمادات البحث العلمي في الجامعات الوطنية و التي تستطيع من خلال ما خصصه القانون للبحث العلمي ان تدعم مشاريع لترجمة و تأليف الكتب باللغة العربية.
ان الدعوة الى اعتماد اللغة العربية في التعليم الجامعي لا تعني على الاطلاق عدم تعلم اللغة الانجليزية، فالاسلوب المتبع الان لم يحقق الهدف منه فلا الطلبة في الكليات العلمية اتقنوا اللغة الانجليزية و لا هم حققوا الحد المرجو من الفهم للمعلومة المعطاة باللغة الانجليزية بسبب حاجز اللغة. تعلم اللغة الانجليزية ضرورة لمن تلزمه اللغة الانجليزية فمعلم الرياضيات في المدرسة لا تلزمه اللغة الانجليزية للقيام بعمله على نحو جيد و لكن هذا المعلم اذا ما قرر ان يتابع دراساته العليا فعليه أن يطور مهاراته في اللغة الانجليزية بما يخدم دراسته.
الرأي
|
|
|
|
|
|