|
|
|
|
وقفة مع مشاريع الترجمة العربية
محمد إسماعيل زاهر
شهدت الساحة الثقافية العربية في السنوات الأخيرة تسارعاً ملحوظاً في معدلات الترجمة، وفي هذا الإطار بإمكاننا ملاحظة ثلاثة مشاريع كبرى للترجمة: كلمة في الإمارات، المشروع القومي للترجمة في مصر ومشروع المنظمة العربية للترجمة، ولكل مشروع مميزاته التي تكسبه نكهة خاصة: من حيث الموضوعات التي يهتم بإيصالها إلى القارئ العربي ومهارة المترجمين واللغات التي ينقل عنها . . إلخ .
ويبدو أن القائمين على هذه المشاريع ينسقون فيما بينهم، أو على الأقل يطلعون على إصداراتهم المتلاحقة، حيث استطاعوا تجاوز مسألة تكرار ترجمة الكتاب الواحد أكثر من مرة، وهي الظاهرة التي كانت متفشية فيما سبق، ولكن تبقى قضية توحيد المفردات العربية بين المترجمين، ولا نقصد هنا تلك المفردات المتعلقة بالمفاهيم والمصطلحات المتخصصة، وإنما يمتد الأمر أيضاً إلى الكلمات المرتبطة بالحياة اليومية والتي تختلف وفقاً للبلد الذي ينتمي إليه المترجم .
ينفرد مشروع كلمة بتنوع اللغات التي ينقل عنها، فهناك سلسلة للأدب الياباني، وأخرى تهتم بحكايات الشعوب، ويغلب على المشروع اللغة البسيطة التي تحاول الوصول إلى شرائح القراء المختلفة، ولكن ينقصه التوزيع الجيد . وتتسم إصدارات المشروع القومي للترجمة بالطباعة الرديئة . أما مشروع المنظمة العربية للترجمة وبرغم تخصصه في نقل العلوم النظرية وأمهات الكتب الشهيرة في هذا المجال، إلا أن المشروع برمته يحتاج إلى نظرة أخرى، فلغة إصداراته عسيرة تقترب في كثير من الأحيان من الإلغاز .
إن غياب شبكة التوزيع الجيد والطباعة السيئة واللغة الصعبة مشكلات تعيق الهدف الأساس لهذه المشروعات، والمتمثل في الوصول بالثقافات الأخرى إلى المتلقي العربي . فلا يمكن أن تستمر الشكوى من تراجع القراءة ثم نصدر كتاباً ربما يجذبنا موضوعه ولكن ينفرنا شكله، وفي ظل توافر الكتب بأعداد خيالية في الشبكة العنكبوتية تسقط الحجة القديمة القائلة إن القارئ لا يهمه شكل الكتاب أو طريقة إخراجه، حيث يلجأ الكثيرون الآن إلى قرصنة الكتاب وترويجه إليكترونياً لتجاوز هذه العقبة . أما اللغة الصعبة فتقودنا إلى سؤال: لماذا نترجم؟ فعندما تضع مؤسسة على عاتقها ترجمة الكتابات الفلسفية الأصلية فلا بد أن تجد الآلية المناسبة التي تمكن القارئ العادي من استيعاب هذه الكتابات من خلال الهوامش الوافية أو الملاحق الشارحة أو حتى التعريب، فالمتخصص في الفلسفة درس هذه الكتابات في اللغة المنقول عنها وربما هو ليس في حاجة ملحة للاطلاع عليها مترجمة إلى العربية .
إن قضايا الترجمة متعددة وتحتاج إلى نقاش متواصل لا يقتصر على الجدل النظري وحسب، ولكنه يضع المتلقي على رأس أولوياته، فالترجمة من دون قارئ وأيضاً من دون تأثير لاحق في ثقافتنا جهد لا طائل من ورائه .
الخليج
|
|
|
|
|
|