للاطلاع على محتويات الإعلان أنقر هنا  
صحيفة دولية تهتم باللغة العربية في جميع القارّات
تصدر برعاية المجلس الدولي للغة العربية

  دعوة للمشاركة والحضور           المؤتمر الدولي العاشر للغة العربية           موقع الجمعية الدولية لأقسام العربية           الموقع الجديد الخاص بالمؤتمر الدولي للغة العربية           الباحث العربي: قاموس عربي عربي           راسلنا         
الصفحة السابقة الصفحة الرئيسة

العلوم الاجتماعية والانسانية في عصر الثورة المعلوماتية

أشرف سعيد سيف النصر

هل تسهم دراسة العلوم الاجتماعية والإنسانية في العالم الرقمي المعولم في القرن الواحد والعشرين؟

العلوم الاجتماعية والإنسانية من أهم العلوم التي أنتجتها البشرية في مسار حضارتها على مر العصور، وهناك من يصنف العلوم إلى علوم نظرية وأخرى تجريبية إمبريقية وهو تصنيف ثبت عدم صحته؛ حيث إنّ العلوم النظرية تقدمت بتقدم الحضارة الإنسانية وأصبحت تأخذ بالجانب التجريبي الإمبريقي مثلها مثل العلوم العملية أو التجريبية.

وبداية تُعرَف العلوم الإنسانية بأنها العلوم التي تهتم بدراسة الخبرات والأنشطة التي يقوم بها البشر وتعرًف العلوم الاجتماعية بأنها العلوم التي تهتم بدراسة الإنسان في مجتمعه من أسرة وقبيلة وقرية ومدينة وتدرس تفاعله معهم وأنماط العلاقات القائمة وفقاً لذلك من لغات وتفاعلات ثقافية وسياسية واقتصادية واجتماعية .

وقد تقدمت العلوم قاطبة وشهدت طفرة هائلة في عصر المعلومات والثورة المعلوماتية والرقمية بشكل مذهل وهو ما جعل العلوم العملية التجريبية تقفز قفزة هائلة في مجال التجريب والدراسات ذات المنهج التجريبي الإمبريقي وهو ما جعل العلوم الاجتماعية والإنسانية تستغل تلك الثورة في إحداث تقدم خاص بها لما توفره ثورة المعلومات من سهولة ويسر تساهم في تقدم تلك العلوم.

وهنا نشير أن العلوم الإنسانية استفادت من ثورة المعلومات في تجميع كم هائل مما تركه الأقدمون وأضاف إليه المعاصرون مما ساهم في تنقيح المعلومات واستخلاص الصالح منها استفادة من الوفرة المعلوماتية، كذلك ساهمت الشبكة العنكبوتية في تبادل المعلومات والثقافات بين الأمم وهو جوهر تطور العلوم الاجتماعية والإنسانية فالنفع تبادليٌّ إذن.

ففيما يخص إسهام العلوم الإنسانية و الاجتماعية في العالم الرقمي فلا يخفى على شريف علمكم إنْ الإنسان إن لم يتقدم لا شك أنه سيتأخر ؛ ولذلك يجب ألا تتوقف عن طلب العلم وهذا شيء بدهي ، إلا أن طلب العلم في عالم يشبه عالمنا سيكون له شأن آخر إنه عالم رقمي بدأ في القرن الماضي بتقدم صارخ وصاروخي في التكنولوجيا يحتاج منا إلى جهد وروية ثم إنطلاقة سريعة جدا لا أعلم لها نقطة توقف ، نعم لا أعلم لها نقطة توقف لأن طلب العلم لا يتوقف حتى وإن زعمت عدم وجود الوقت لأنك عند ذلك سينطبق عليك هذا القول: (إن توقفك عن التعلم لقلة الوقت يشبه إيقاف ساعتك على أمل تثبيت الزمن).

إنّ منحنى تضاعف المعرفة الذي اخترعه عالم المستقبليات الأمريكي ( بكمنسيتر فوللر) يشير إلى أن العلوم كانت تضاعف كل قرن نصف حتى بداية القرن العشرين ، وبعد الحرب العالمية أصبحت تتضاعف كل ربع قرن ، وفي الوقت الحالي أصبحت تتضاعف كل سنة أو سنتين ، وقريبا ستتضاعف كل اثنتي عشرة ساعة؛ فكيف لنا أن نتوقف عن طلب العلم إذن؟!

إنّ العلوم الاجتماعية والإنسانية كغيرها من العلوم لا شك أنّ دراسة هذه العلوم سيكون لها إسهامات بناءة في العالم الرقمي المعولم في القرن الحالي ( القرن الحادي والعشرين ).

وكي نوضح للقارئ الكريم وجهة نظرنا علينا أن نبين له بعض المصطلحات الموجودة بالعنوان وهي(ما المقصود بالعلوم الإنسانية- وما المراد بالعالم الرقمي المعولم- القرن الحادي والعشرين)

العلوم الإنسانية يقصد بها دراسة كل ما يتعلق بالإنسان ( دراسة الخبرات والأنشطة و البنى والصناعات المرتبطة بالإنسان)

أما العالم الرقمي فهو مصطلح جديد بدأ بالكتاب الرقمي فالمكتبة الرقمية ثم العالم الرقمي وهو أمر مرتبط بالتقدم التكنولوجي الصارخ كما أشرنا منذ قليل وهو يعنى أن النظام العالمي أصبح مجموعا في أرقام تضمها الشبكة العنكبوتية يمكن الوصول إلى أي شيء يتعلق به من خلال ضغطة زر ومن هنا أصبح معولما هذا المصطلح المأخوذ من العولمة.

والآن لم لا تسهم دراسة العلوم الإنسانية في العالم الرقمي المعولم في القرن الحالي؟

عندما يكون في يدك جهاز صغير ( آي فون - آي باد – كمبيوتر لوحي – هاتف ذكي وغير ذلك هنا العالم كله بين أصابعك). وعندما تضم العلوم الإنسانية اللغات القديمة والجديدة ، والأدب و التاريخ و ، والفلسفة و الديانات ، و الفنون البصرية ، و الفنون التعبيرية كالموسيقى و المسرح و الشعر والتاريخ الإنثربولوجي ، والمنطق ، وعلوم الاتصالات ، و القانون ، و ... فسيكون من السهولة بمكان تناول هذه العلوم والأخذ منها ، وكذلك التأليف والبحث والإضافة إليها من خلال النشر الإلكتروني الذي سنشير إليه بعد قليل.

قد يكون مستقبل العلوم الإنسانية في خطر وذلك لرؤية البعض من أصحاب العلوم الأخرى أنها بلا إسهام محدد وملموس في هذا التراكم المعرفي ، ومستقبل العلوم الإنسانية يحدده أمران :( الأول) هو قدرة هذه العلوم علي فهم محدد وواضح لاحتياجات المجتمع وإسهامها في زيادة القدرة التنافسية للمؤسسات والشركات الوطنية، وتحديد نوع المعرفة التي يمكن لهذه العلوم إنتاجها وإمكانية ذلك.( والثاني) استعدادها للتطور والشراكة مع العلوم الأخري وإعادة تعريف قضايا البحث لتتفق مع طرق البحث البينية, وتدريب الباحث علي مهارات التعاون مع باحثين آخرين خارج مجال تخصصه.

إن استطعنا أن نتغلب على هذين الأمرين كما أشار د. خالد الغمري أزلنا الخطر المتوقع حول العلوم الإنسانية.

والسؤال الآن هل الأمر يخص العلوم الإنسانية والاجتماعية نفسها كعلوم تفضلها العلوم الأخري من وجهة نظر أصحاب تلك العلوم ؟ أم أنّ الأمر يتعلق بالعالم الرقمي المعولم وقضية النشر الإلكتروني ومواكبة هذه العلوم لذلك العالم الرقمي المعولم؟

لقد أشار الدكتور ربحي مصطفى عليان في كتابه النشر الإلكتروني إلى أنّه ما دام الإنسان قادرا على التفكير فهو إذن قادر على إنتاج وكتابة كتاب إلكتروني حيث إنّ الكتابة هي عبارة عن وضع كلمات وجمل تعكس أفكارا على ورق ، أو إخراج الكلمات المخزونة داخل عقل الإنسان وترتيبها بشكل منطقي معقول له هدف معرفي ومعلوماتي خاص . . . لو استطعت أن تجمع الكثير من أفكارك وتقوم بترتيبها وتنظيمها بطريقة يسهل متابعتها وقراءتها عبر الإنترنت ، تكون نجحت في إصدار ونشر كتاب إلكتروني.

وبالعودة إلى العلوم الإنسانية و الاجتماعية نجد أنها في تحسن وتطور مستمر ، وقد أشار مصطفى عبد اللطيف في بحثه تأصيل العلوم الإنسانية في الفكر العربي المعاصر إلى أننا وإذا كنا نسلم بأن ميلاد البحث العلمي في الظواهر الإنسانية في القرن التاسع عشر قد واكب في التاريخ الغربي ميلاد المجتمع الصناعي، وتطور نمط الإنتاج الرأسمالي، كما واكب مجمل التغيرات التي عرفها الغرب الأوروبي في سياق تطور المجتمع، وتطور علاقات الإنسان بالطبيعة وبالتاريخ، وسعيه لمعرفة مظاهر السلوك الإنساني في مختلف أبعادها، فإن محصلة كل الإشارات التي ذكرنا آنفا وباختزال شديد ساهمت في تحقيق ثورة فعلية في مجال الإحاطة بالظواهر الإنسانية في مستوياتها المتعددة (الاقتصادي، المجتمعي، النفسي، الظواهر الرمزية الخ…) ثم في مستوى الفروع التخصصية التي اتجهت نحو المزيد من الإحاطة بالأبعاد الفرعية لهذه الظواهر، من أجل تحقيق معرفة أفضل بالإنسان ومحيطه، وبصورة تمكن من تهيئة ما يسمح له بتحسين أحواله، والتحكم في مستقبله ومصيره.

ونقلا عن صحيفة الشرق الأوسط في عددها 11834 المؤرخ السبت 20 جمادى الأولى 1432ه 23 ابريل 2011 العدد. تقول منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو) في تقريرها العالمي الصادر بعنوان "الفجوات المعرفية" العام الماضي: أن العالم( 2010) الآن أكثر حاجة من أي وقت مضى إلى العلوم الاجتماعية والإنسانية وذلك للتصدي للتحديات الكبيرة التي تواجه المجتمعات البشرية.

وبالإضافة إلى ذلك لدينا كم لا بأس به من الأبحاث والمؤلفات التي صدرت وتصدر في مجال العلوم الإنسانية والاجتماعية ، و التي يمكن نشرها إلكترونيا بمنتهى اليسر والسهولة عند ذلك لا شك أن إسهامها في العالم الرقمي سيكون كبيرا جدا. نعم فالدراسات الإنسانية والاجتماعية مثلها مثل سائر الدراسات يكون لها دور إن لم يكن الدور الأبرز في هذا العالم الرقمي فكل دراسة تتعلق بالإنسان من قريب أو من بعيد فهي دراسة إنسانية وعندما تنشر إلكترونيا يبرز دورها في العالم الرقمي في القرن الحادي والعشرين خصوصا وأن العلوم الإنسانية تخطو في الفترات الأخيرة خطوات وثابة وجذبت وما زالت تجذب إليها الباحثين على مستوى العالم.

بقلم : أشرف سعيد سيف النصر


التعليقات
الأخوة والأخوات

نرحب بالتعليقات التي تناقش وتحلل وتضيف إلى المعلومات المطروحة عن الموضوعات التي يتم عرضها في الصحيفة، ولكن الصحيفة تحمل المشاركين كامل المسؤولية عن ما يقدمونه من أفكار وما يعرضون من معلومات أو نقد بناء عن أي موضوع. وكل ما ينشر لا يعبر عن الصحيفة ولا عن المؤسسات التي تتبع لها بأي شكل من الأشكال. ولا تقبل الألفاظ والكلمات التي تتعرض للأشخاص أو تمس بالقيم والأخلاق والآداب العامة.

الاسم
البلد
البريد الالكتروني
الرمز
اعادة كتابة الرمز
التعليق
 
   
جميع الحقوق محفوظة © 2024
المجلس الدولي للغة العربية