للاطلاع على محتويات الإعلان أنقر هنا  
صحيفة دولية تهتم باللغة العربية في جميع القارّات
تصدر برعاية المجلس الدولي للغة العربية

  المؤتمر الدولي الحادي عشر للغة العربية           موقع الجمعية الدولية لأقسام العربية           الموقع الجديد الخاص بالمؤتمر الدولي للغة العربية           الباحث العربي: قاموس عربي عربي           راسلنا         
الصفحة السابقة الصفحة الرئيسة

لغتنا الجميلة والهاتف النقال

أ.د. ناجي معلا

 يطرح هذه الأيام - وأكثر من أي وقت مضى- سؤال هام يتعلق بمدى تأثير جهاز الهاتف النقال على لغتنا العربية الجميلة "لغة الضاد". 

نعم لغة الضاد التي لا يستطيع اي فرد في العالم أن ينطق "ضادها" الا من كان من أصل عربي، وهذه لعمري من بين مقومات فرادتها. وجمال لغتنا العربية يتجسد في نثرها وشعرها وخطابتها، ويكفيها تميزا ان القرآن الكريم قد عطرها وكرمها بكونها اللغة التي نزل بها. ولعل من أهم ضمانات بقاءها انها مقرونة بحفظ الله ورعايته اللذان تستمدهما لغتنا من هذا الاقتران "انا نحن نزلنا الذكر وانا له لحافظون" صدق الله العظيم. ولهذا فنحن لا يساورنا ادنى شك في ضمانة حفظ اللغة العربية فلا خوف عليها من أي تهديد بما فيه جهاز الهاتف النقال.

ولكن ما يعنينا في الحقيقة هو خوفنا على التآكل المريب في قدرة الاجيال العربية على التمتع بجمال اللغة العربية وتذوقها، قراءة وكتابة والقاء وخطابة. والمتابع للكيفية والطريقة التي يؤدي بها جهاز الهاتف النقال وظائفه يرى انه لا يحتاج من المستخدم سوى لمجموعة من المتطلبات هي :
1) مجموعة من مفاتيح التشغيل ،2) لوحة للحروف (العربية أو الانجليزية او كلاهما ) ، 3) نقرة اصبع او قلم خاص ، وأخيرا 4) معرفة بالحروف الهجائية لاحدى اللغتين. 

واذا تأملنا ذلك الشغف الذي يبديه شيبنا وشبابنا، والاقبال منقطع النظير على اقتناء هذا الجهاز الاسروالساحر، واستخدامه شبه الدائم الذي وصل الى حد اعتبار هذا المستوى من الاستخدام من قبل باحثة أمريكية بانه حالة ادمان مرضية وربطنا بين هذا المستوى من الاستخدام وحاجة المستخدم الى اللغة العربية فاننا نجد انه لا يحتاج من مهاراتها وقواعدها واصولها الا معرفة بسيطة بالحروف الهجائية وهو مستوى معرفة لغوية يمكن للفرد اكتسابه في الصفوف الابتدائية الاولى لدخوله المدرسة . ولكن السؤال الجوهري الذي يمكن أن يؤرق الانسان هو معدل النموالمتزايد في اعتقاد شبابنا ان ما يحتاج اليه من المعرفة اللغوية هوفقط ذلك المستوى الذي يمكنه من التعامل مع هذا الجهاز واستخدامه وكفى. أن المعرفة باللغة العربية وتذوق جمالها يتعديان القدرة على القراءة بالعيون التي يحتاجها استخدام هذا الجهاز الساحر. ان القراءة الصحيحة تحتاج الى النطق والاخير يحتاج الى اللسان . ولهذا فان كثرة النطق باللغة من شأنه ان يسهم في اجادة اللسان لنطقها. وسحر جمال اللغة العربية يتجلى في نطقها قراءة والقاء وخطابة . بل ان النطق بها من شأنه أن يثري معانيها . كما أن نبرة نطقها تبوح بتعددية المعاني . فخروج الكلمة الواحدة مرة بالهمس واخرى بنبرة أعلى يعطيها معاني مختلفة.

ان ما نخشاه على لغتنا الجميلة هو ان تفقد متعة تذوقها من قبل الناطقين بها، وخاصة الاجيال الشابة التي يرتبط شغفها الشديد باستخدام هذا الجهازبعلاقة عكسية مع قدرتهم على تذوق لغتهم العربية للسبب الذي اشرنا اليه سابقا. ولأن استخدام هذا الجهاز لا يحتاج من الفرد الى البراعة اللغوية التي يحتاج اليها التذوق اللغوي فان تلك الأجيال تنزع الى محاولة معرفة الحد الادني من اللغة الذي يلبي حاجات شغفهم باستخدام جهازهم المعشوق وهم غير عابهين بالحد الذي يمكنهم من تذوق لغتهم الذي لا يحظى بشغفهم . واذا كان هذا التذوق محكوما بالنطق فان استخدام هذا الجهاز محكوم بالصمت الذي قد يرقى الى حد "الخرس الاجتماعي" ، وعدم الرغبة في التحدث مع الاخرين الا في الحدود الدنيا التي تفرضها عمليات التفاعل الاجتماعي مع أقرب المقربين الذين يمكن أن يحظو بهذه الرغبة. وبهذا فان من "النعم" التي أجزلها هذا الجهاز على الشخص الأخرس أنه عوضه عن ميزة كان يتفرد بها عليه الشخص الناطق الذي كاد يفقدها. ان تذوق لغتنا العربية الجميلة يحتاج الى منظومة متكاملة من القدرات والمهارات المتعلقة بالقراءة والكتابة والالقاء والتأمل . انها لغتنا الجميلة اليس كذلك؟
 

عمون

التعليقات
الأخوة والأخوات

نرحب بالتعليقات التي تناقش وتحلل وتضيف إلى المعلومات المطروحة عن الموضوعات التي يتم عرضها في الصحيفة، ولكن الصحيفة تحمل المشاركين كامل المسؤولية عن ما يقدمونه من أفكار وما يعرضون من معلومات أو نقد بناء عن أي موضوع. وكل ما ينشر لا يعبر عن الصحيفة ولا عن المؤسسات التي تتبع لها بأي شكل من الأشكال. ولا تقبل الألفاظ والكلمات التي تتعرض للأشخاص أو تمس بالقيم والأخلاق والآداب العامة.

الاسم
البلد
البريد الالكتروني
الرمز
اعادة كتابة الرمز
التعليق
 
   
جميع الحقوق محفوظة © 2024
المجلس الدولي للغة العربية