أ. أحمد فياض محاميد
بداية اود الى ان اشير الى انني لست متخصصا في اللغة العربية واكثر من ذلك، حتى انني لم اتعلمها بل تعلمت الكثير عنها مما يخولني ان ابحث في ابعادها. كوني لم اتعلم العربية لا استبعد ان تتواجد في هذا المقال اخطاء لذلك اعتذر للقراء اذا تواجدت.
قبل كتابة هذا المقال تساءلت مع نفسي :هل انا شجاع بما فيه الكفاية لكي اعرض موقفي للقراء؟ اتضح انه لا . لان من حق القارئ ان يفسر المقال كما يشاء وتفسيره له متعلق بعدة عوامل لا مكان لحصرها هنا . لذلك من الممكن ان تكون عدد التفسيرات كعدد القارئ . كما اود ان اكرر بان ارائي ليست حقيقية مطلقة ، ولم اسع يوما لكي تكون كذلكَ. جمال الدنيا ان يبحث الانسان عن الحقيقة في الوقت الذي يعلم بنفسة انه لن يتوصل لها يوماَ واذا توصل لها يوماَ فقد متعت الحياة. لذا ارحب بكل انتقاد بناء ربما يكون افضل.
ما سأفعله في هذا المقال هو الإشارة الى وقائع ميدانية مؤلمة وعلى اثرها سأبحث في التوقعات المرتقبة .
العالم العربي يواجه مشكلة حقيقية اصعب واشد بكثير من أي قضية اخرى. لأنها تهدد تطور العالم العربي بأكمله وهي مشكلة تركيبة اللغة العربية وتعقيدها مقارنة مع باقي اللغات، بالإضافة الى ثنائية اللغة. لا بد هنا من الاشارة الى ان لغة الام للانسان العربي هي اللغة العامية وليست اللغة الفصحى. وذلك لان اللغة التي يستعملها الفرد عفوياَ هي التي تعتبر لغة الام بالنسبة له.
نتائج الاختبارات العالمية مثل:TIMSS,PRLIS ,PISA لدى الطلاب العرب غير "مبتسمة" بل "مغبرة"، "تشعر بالخزي والعار مقارنة مع مقابليهم من دول OCED (او سي أي دي). فعلى سبيل المثال اختبار in Mathematics and Science Study TIMSS- Trends. معدل دول OCED ومجموعها 42 في الرياضيات كان 467 بينما معدل الدول العربية 402 أي في "ذيل" العالم بالرغم من ثروتها الطبيعية! للحصر وليس للكسر معدل الطلاب العرب في اسرائيل 465 بينما معدل قطر 410. وفي العلوم كان معدل جميع الدول المشتركة 477 ومعدل الدول العربية كان في ادني المستويات وكان 424 أي انه احتل المكان الاخير دون أي منافسة. اما في اختبار الوعي القرائي PRLIS – Progress in International Reading literacy Study كان معدل الدول المشتركة 512 . اما عن معدل الدول العربية فيمكن القول انها "تربعت على كرسي الفشل" في ادنى مكان في العالم. أي بكلمات اخرى الطالب العربي غير قادر على فهم المقروء. والسؤال الذي يطرح: ماذا ممكن ان نتوقع من طالب لا يفهم ما يقرأ ؟ أي لا يستطيع ان يستفيد من الابحاث المتوفرة ولا يستطيع ان يضيف عليها!. عدم الواعي القرائي يقف حجر عثرة امام تطور العالم العربي. قبل ستمائة عام دول اوروبا الغربية خرجت من الحضيض الى قمة الازدهار حينما أدخلت الطباعة الى العالم ثم قام السلطان العثماني بن يزيد بمنعها لأسباب دينية. نتيجة لذلك بدأ العرب في التقهقر الى الخلف وما زالوا مستمرين .
حصلت محاولات عديدة في العالم العربي على جميع المستويات من الاساس الى الهرم لمناقشة "اللغة العربية" وأبعادها على التحصيل العلمي. لم يبق منها الا الحبر على الورق والاجيال تدفع الثمن ومن بين المحاولات التي كانت ما يلي:
أ- عقد اثني عشر مؤتمر الى خبراء من جميع انحاء العالم العربي لمناقشة ابعاد هذه الظاهرة وانعكاساتها، وجميعها باءت بالفشل.
ب- مؤتمر القمة الواحد والعشرون المنعقد في الدوحة, اوصى جميع المسؤولين بوضع اللغة العربية في سلم الأولويات ولكن توصياته "تبخرت"، لانهم وضعوا توصيات دون ان يضعوا هناك محفزات لذلك.
ج-أشار الدكتور عبد الله الشبل عميد جامعة الملك بن سعود في احد المؤتمرات الى تدني مستوى تعليم اللغة العربية قائلاَ : "ان الطالب العربي يحصل على اللقب الاول والثاني والثالث (الدكتورة) وهو غير قادر على كتابة خطاب باللغة العربية".
د- الدكتور عبد الله دنان من لبنان خبير في اللغات اشار الى معاناة الطالب العربي مقارنة مع مقابليه قائلاَ: "ان الطالب البريطاني والفرنسي يدرسان المرحلة الإعدادية والثانوية خمسمائة وستين ساعة باستعمال لغة الام وبعد تخرجهم من المرحلة الثانوية يكونون متمكنين من لغة الام. بينما الطالب في انحاء اقطار العالم العربي يدرس تلك المراحل ما بين الف وستين ساعة والف ومئتين وثمانين أي ضعف الساعات التي يدرسها مقابليه, وبالرغم من ذلك فهم غير متمكنين من لغة الام".
هـ- اما رؤساء اقسام اللغة العربية في جامعات السلطة الفلسطينية عبروا عن استياءهم من مستوى تعليم اللغة العربية في انحاء السلطة قائلين: "آن اضعف الطلاب الذين لم يقبلوا الى الكليات الاخرى يأتون لتعلم اللغة العربية، فماذا ممكن ان نتوقع من طالبة اذا كان المعلم بالأساس ضعيف؟!".
اين الخلل ؟
اعتقد بان كل ما ذكر أعلاه يشير الى انه توجد هناك ازمة حقيقية بالعالم العربي وهي في منتهى الجدية وأبعادها وخيمة لذا يجب على العالم العربي ان يستيقظ قبل فوات الأوان وان يبحثوا عن مصدر الخلل واتخاذ الخطوات المتوجب القيام بها. اين الخلل؟
1- هل الخلل في اللغة العربية؟
2- هل الخلل في الطالب العربي؟
3- هل الخلل في معلم اللغة العربية؟
4- هل الخلل في منهج اللغة العربية؟
5 - هل الخلل في بيئة الطالب؟
لا ادري اين الخلل؟ ولكن لا اتوقع بان الخلل لدى الطالب خاصة ان جميع الابحاث التي اجريتها على طلاب عرب في داخل اسرائيل وخارجها تشير بكل تأكيد بأنه يوجد هناك ما بين انحراف معياري الى انحرافين فارق ما بين الذكاء المنطقي المولود وما بين الذكاء المكتسب اللغوي لصالح الاول أي بمعنى اخر العجز لدى الطالب العربي هي الثروة اللغوية.
اما السؤال الاخر الذي لا بد من طرحه هو ماذا ممكن ان يحدث لولم نعالج الخلل ؟
اذا لم يتم معالجة ذلك الخلل اللغوي فالعالم العربي على وشك الانقراض عن الوجود خلال الاف الثالث، نتيجة مجاعة، وذلك لأنه غير قادر على توفير ادنى احتياجاته العضوية، ولماذا ؟
• الثروات الطبيعية التي تباركت وتنعم بها قسم من الاقطار العربية هي محدودة لمدة اقصاها مئة عام.
• الاعمال اليدوية أي الجسمانية التي تحتاج الى عضلات هي ايضا على وشك الانتهاء لان العالم يحتاج فيما بعد الى العقول وليس الى الأعمال الجسمانية.
• مناهج التعليم والتعلم في اوروبا بدأت بأعداد انسان من نوع اخر .انسان يعتمد على قدرته الادراكية بشكل مستقل ومزود بطاقات عقلية متطورة تمنحه القدرة على الابداع، قدرات عقلية عالية.
• منهاج التعليم وأساليبه في العالم العربي ما زال "مخلصا " لا سلوب التلقين، وبالتالي لا يستطيع تقديم أي براءة اختراع الى العالم.
• مناهج التعليم التي تتجاهل تطوير الثروة اللغوية عند الطالب هي غير قادرة على اعداد مبدعين.
• يجب ان لا ننسى بان مساحة اللغة عند الفرد تساوي مساحة العقل لديه أي بمعنى اخر كلما كانت اللغة متطورة يكون العقل متطورا اكثر.
• اساليب التعليم المتبعة في الدول العربية مبدعة جداَ في قتل الابداع.
لذلك العالم العربي لا يستطيع تقديم أي انجاز علمي للعالم ولهذا سيشكلون العرب عبئا على العالم وسيهمشون كلياَ. هم لم يعتبروا بعد جزءا من العالم، ومن المتوقع انهم سينقرضون عن وجه الكرة الارضية تدريجياَ خلال الاف الثالثة.
بانيت