للاطلاع على محتويات الإعلان أنقر هنا  
صحيفة دولية تهتم باللغة العربية في جميع القارّات
تصدر برعاية المجلس الدولي للغة العربية

  المؤتمر الدولي الحادي عشر للغة العربية           موقع الجمعية الدولية لأقسام العربية           الموقع الجديد الخاص بالمؤتمر الدولي للغة العربية           الباحث العربي: قاموس عربي عربي           راسلنا         
الصفحة السابقة الصفحة الرئيسة

أيّتها اللغة العربية إنّي أحبّكِ

أ. عقل العويط

 لمناسبة الاحتفال بيوم اللغة العربية، 18 كانون الأول، أكتب لنفسي ما يأتي: لو لم أجْنِ من حياتي إلاّ معرفتي المتواضعة باللغة العربية، وتَمَكُّني المتواضع أيضاً من الكتابة فيها، نثراً للتخاطب وأدباً خالصاً، لَما كنتُ أستحقّ ربّما أن أحيا هذه الحياة، وأتمتّع بخيراتها، وكنوزها، وأسرارها.

بالحبر الجهير أسطّر، شاهداً ومعترفاً: ما كنتُ لأكون أنا، لولا هذه اللغة. ما كنتُ لأكون حقّاً أنا، لولا خبرة الحبّ التي اكتسبها يومياً من تمرّسي بها، وعلاقتي معها. هذه اللغة العربية، فضلُها عليَّ، كفضل أمّي وأبي اللذين أنجباني لأكون منذوراً لها بالذات، ومنذوراً في الآن نفسه لكَرَم القلب والحرية، اللذين سأظلّ أكرّس لهما ما بقي من أيّامي.

تُمثِّل هذه اللغة العربية عندي بداهةً شبه مطلقة، بل هي بداهةٌ مطلقة، مثل بداهة الينبوع الذي لا يكفّ عن كونه ينبوعاً. كرامتُها لديَّ توازي كرامة الحلم المفتوح على جرحه الأبديّ، غير القابل للارتواء، أو الاكتفاء، أو الاندمال.

ما أحببتُ شخصاً، أو مكاناً، أو فكرةً، أو قضيةً، إلاّ أكرمتُهم بما يختزنه قلمي من حبر هذه العربية، الذي هو الغنى الفريد الذي أعتزّ بأنّي أملكه في عقلي ملكاً معنوياً لا يمكن أن ينال منه تَغَيُّرٌ في بورصة الزمان والمكان، ولا انقلاب.

ترى، ما يكون الحبّ؟ خذوا منّي هذا الجواب: أن لا ينتهي الحبّ. أبداً. ولا بسدل الستار. ولا حتّى بالموت ينتهي.
خذوا حقيقتي كاملةً: مثلما لا ينتهي حبّي للناس، والأمكنة، والأفكار، والقضايا، الذين أحببتهم، هكذا هو حبّي للغة العربية.
أهو مَرَضٌ، هذا الحبّ؟ أم قَدَرٌ؟ أم انتماءٌ؟ أم نعمةٌ؟ أم لعنة؟ البحث لديَّ عن جوابٍ، علميّ أو نفسيّ، دقيق لهذا السؤال، لا يهمّ. صدِّقوني، هو لا يهمّ البتّة. فأنا لا أُخضِع حبّي لأيّ سقف. حبّي، سقفُهُ السماء.

نشأتُ في بيتٍ كان الأهل فيه يستأجرون الكتب الأدبية لقراءتها على ضوء القنديل أو الشموع. كان حبر الكتاب، ممزوجاً بتقشّف الخبز والزيتون، وعطر الكرامة، هو جلُّ ما أتذكّره من طفولتي العظمى. إذا خسرتُ كلّ حياتي، فلن أخسر هذه الصورة.
إنه الفجر. فجر 18 كانون الأول 2016. استيقظتُ مبكراً. صنعتُ قهوتي. وجلستُ وراء الشاشة. شيءٌ من الرذاذ الخفيف يذكّرني بأني ولدتُ في العاصفة. وتحت المطر. ذلك الماء هو الحبر. يعزّ عليَّ أن تؤول اللغة العربية على أيدي مستخدميها، إلى ما آلت إليه. لكنّي لن أستسلم. أيّتها اللغة العربية، إنّي أحبّكِ!
 

النهار

التعليقات
الأخوة والأخوات

نرحب بالتعليقات التي تناقش وتحلل وتضيف إلى المعلومات المطروحة عن الموضوعات التي يتم عرضها في الصحيفة، ولكن الصحيفة تحمل المشاركين كامل المسؤولية عن ما يقدمونه من أفكار وما يعرضون من معلومات أو نقد بناء عن أي موضوع. وكل ما ينشر لا يعبر عن الصحيفة ولا عن المؤسسات التي تتبع لها بأي شكل من الأشكال. ولا تقبل الألفاظ والكلمات التي تتعرض للأشخاص أو تمس بالقيم والأخلاق والآداب العامة.

الاسم
البلد
البريد الالكتروني
الرمز
اعادة كتابة الرمز
التعليق
 
   
جميع الحقوق محفوظة © 2024
المجلس الدولي للغة العربية