للاطلاع على محتويات الإعلان أنقر هنا  
صحيفة دولية تهتم باللغة العربية في جميع القارّات
تصدر برعاية المجلس الدولي للغة العربية

  دعوة للمشاركة والحضور           المؤتمر الدولي العاشر للغة العربية           موقع الجمعية الدولية لأقسام العربية           الموقع الجديد الخاص بالمؤتمر الدولي للغة العربية           الباحث العربي: قاموس عربي عربي           راسلنا         
الصفحة السابقة الصفحة الرئيسة

التعريب بين الوطنية والتغريب

د. رزاق محمود الحكيم

    من أهم الأسباب التي تعلي من شأن الأمم عنايتها بلغتها ، وتراثها ، وتاريخها ، والتعريف به إلى الأجيال الجديدة للانتفاع منــه ، ثم الاجتهــــاد والبحث ، والتأليف والإنتاج ، للإضـــافة إليـه ، وتعزيزه ، بمــــا يتلاءم مع الحاضـــر وتطوراته . أما الاقتصار على الفخر بالماضي ، وأمجاده ، فحسب دون الاجتهاد والعمل والإضافة والإنتاج فإنه لايكون مجدياً . قال معروف الرصافي :
    وشر العالميـــن ذوو خمولٍ                       إذا فاخرتهم ذكروا الجدودا
    وخير الناس ذو حسب قديم                        أقام لنفسه حسباً جديــــــدا
    إن الاعتزاز بلغتنا العربية ، وأمجادنا ، وإنجازاتنا الحضارية والعلمية لايمنعنا من الانفتاح على لغات العالم الحية ، والانتفاع من تجاربها ، وإنجازاتها العلميــــة ، بل العكس فإن ذلك سيدعـــم  مكتسباتنا العلميـــة والفكرية ، ويســـاهم في تطويرها ورقيها . إن اللغة وسيلة للتعبير ، والتبليغ والخطاب ، ومهما اختلفت لغــــات العالم وتنوعت ، فإن الأحاسيس الإنسانية والقيــم ، والفضائل لاتختلف ، بين البشـــر مهما اختلفوا في الموقع الجغرافي ، أو في الأصـــول والأعــراق والأجناس ، كالإحساس بالخير والجمال ، والحق والعـــــدل والإنسانية ، والرحمـــــة والمعروف ، هذه القيم الجمالية ، والإنسانية واحدة بين النــــاس ، غير أن الاختلاف هو في نسبة الإحساس بها ، والاستجابة لها ، والتعبير عنها ، والتعاطف معهـا  من شخص إلى آخر ، ومن مجتمع إلى مجتمع ، فالنفس التي تتربى على الخيـــر لاتنتج سوى الفضائل والمكارم أما النفوس الشـــــــريرة التي تتربى على القبـــــح والرداءة ، فلا تنتج سوى الرذائل والمساوىء والآثام . قال الشاعر العربي القديم ابن الصيفي :
       فحسبكمُ هذا التفاوت بيننا                 وكل إناء بالذي فيه ينضح                  إن الاعتزاز باللغة العربية الفصيحــــة ، وتعميم استعمالها في وســـائل التعبير والإعلام ، وتقريبها من حياة المواطن اليومية من شأنه أن يعزز الحس الوطني لديه فاللغة مرتبطة بالمكان والإنسان ، إنها وعاء للعلوم والمعارف والأفكار ، ومستودع للتاريخ والأحداث ، زاخرة بتراث الآباء والأجداد ، وإنجازات العلماء في الماضي والحاضر ، ومما يعزز مكانة اللغة العربية ، ويمنحها الحيـــــاة والديمومة أنها لغة اشتقاقية ، تشتمل على تراكيب متنوعة ، وبإمكانهـــــــا احتواء الإنجازات العلمية ، والمصطلحات التقنية والصناعية الجديدة والمتجددة ، حينئـــذ ينبغي على العلماء أن يبادروا إلى استخدام اللغة العربيــــة في البحث العلمي، والتأليـــف   وترجمة العلوم والمعارف والآداب ، من اللغات الأجنبيــــة إلى اللغة العربية ، ووضعها في متناول الطلاب والأساتذة والباحثين .
    اللغة مرتبطة حميمياً بالإنسان ، وبالأسرة التي نشأ فيها ، والمجتمع الذي تربى فيه ، والناس الذين نشأ معهم بين أحضان الوطن الأم ، ورضع وإياهم حنان الألفـــة والجوار ، والعادات والتقاليد ، ومن هــذا الكل المركب ، يتعمق الإحساس بالوطنية ، ويتجذر في القلب والعقل ، والذاكــــــرة والوجدان ، ويزداد ارتباط الإنسان بوطنه وسعيه الدؤوب إلى ترقيته، واستعداده للتضحية من أجلــــــه لأن كرامته وعزة نفسه مرتبطة به ، وعلى قدر رعاية الوطن لأبنائه، وتوفير مستلزمات الحياة الكريمة لهم يزداد ارتباطهم به ، وحرصهم على ترقيته ، وتطويره وتعميره . إن جمال الأوطان ، ونظافة المحيط يؤثر على مزاج الإنســــان ، وعلى شخصيته ، وتفكيـــــره وعمله وعلاقاتـــــه الاجتماعية مع الناس . قال المفكــــــر الجزائري مالك بن نبي في كتابه شروط النهضة : ( إن الجمـال هو وجه الوطن في العـــــالم ، فلنحفظ به وجهنا لكي نحفظ كرامتنا ) .


التعليقات
الأخوة والأخوات

نرحب بالتعليقات التي تناقش وتحلل وتضيف إلى المعلومات المطروحة عن الموضوعات التي يتم عرضها في الصحيفة، ولكن الصحيفة تحمل المشاركين كامل المسؤولية عن ما يقدمونه من أفكار وما يعرضون من معلومات أو نقد بناء عن أي موضوع. وكل ما ينشر لا يعبر عن الصحيفة ولا عن المؤسسات التي تتبع لها بأي شكل من الأشكال. ولا تقبل الألفاظ والكلمات التي تتعرض للأشخاص أو تمس بالقيم والأخلاق والآداب العامة.

الاسم
البلد
البريد الالكتروني
الرمز
اعادة كتابة الرمز
التعليق
 
   
جميع الحقوق محفوظة © 2024
المجلس الدولي للغة العربية