للاطلاع على محتويات الإعلان أنقر هنا  
صحيفة دولية تهتم باللغة العربية في جميع القارّات
تصدر برعاية المجلس الدولي للغة العربية

  المؤتمر الدولي الحادي عشر للغة العربية           موقع الجمعية الدولية لأقسام العربية           الموقع الجديد الخاص بالمؤتمر الدولي للغة العربية           الباحث العربي: قاموس عربي عربي           راسلنا         
الصفحة السابقة الصفحة الرئيسة

العربيّة للأجانب بين العاميّة و الفصيحة

د. صلاح جرّار

  من المفارقات العجيبة أنّ الأجنبيّ الذي يتعلّم اللغة العربيّة الفصيحة في بلادنا إذا تحدّث مع الناس في الأسواق وفي الجامعات وحتّى في أقسام اللغة العربيّة بالعربيّة الفصيحة فإنّهم سوف يكتشفون في الحال أنّه أجنبيّ، وربّما يستغربون كلامه بالفصيحة ويظهر في وجوههم أثر الاستغراب والاستهجان. إنّها مفارقة عجيبة فعلاً أن يكون الحديث بالعربيّة الفصيحة دليلاً على أنّ المتحدّث ليس عربيّاً، وكأنّ العربيّة الفصيحة ليست لغة العرب.

وأمّا إذا تحدّث معهم بالعاميّة فلا يجدون غرابة في ذلك، ولا يجد هو حرجاً في التحدّث معهم بحريّة وطلاقة، وإن ظهر عليه أثر العجمة في كلامه فإنهم قد يجدون مسوّغاً يتقبلونه به.
إنّ مشكلة هؤلاء الأجانب الذين يتعلّمون العربيّة الفصيحة أنهم يكتشفون سريعاً أنّ العربيّة الفصيحة محصورة في مجالات القراءة والكتابة وبعض وسائل الإعلام، وأنّ ما يتداوله الناس في الشوارع والأسواق وأماكن العمل والدراسة وكلّ مكان فهو العاميّة بمستوياتها المختلفة، وكثيراً ما يدفعهم هذا الاكتشاف السريع إلى إعادة النظر في تعلّمهم العربيّة: هل يعدلون عن الأمر برمّته ويعودون إلى أوطانهم؟! أم يتحوّلون إلى دراسة العاميّة كي يستطيعوا التواصل مع الناس؟! أم يستمرّون في دراسة العربيّة الفصيحة متى كان الهدف من الدراسة علميّاً فقط؟! أم يتعلّمون الفصيحة والعاميّة معاً؟!
صحيحٌ أنّ العوامّ الذين لا يتحدثون إلاّ بالعاميّة يستطيعون فهم العربيّة الفصيحة أو فهم أكثرها، وأنّ الأجنبيّ إذا تحدث معهم بالفصيحة يمكن أن يفهموا كلامه، بدليل أنّهم يستطيعون فهم الأخبار والبرامج التي تبثّها الفضائيات والإذاعات بالعربيّة الفصيحة. لكنّ المشكلة لدى هذا الأجنبيّ الذي يتعلّم اللغة العربيّة الفصيحة ويتحدث بها بين الناس أنّه يشعر وكأنّه ما زال خارج المجتمع الذي يعيش فيه، لأنّ كلامه بالفصيحة يثير الاستغراب لدى الناس ويعزز غربته عنهم ويجعله متردداً في الحديث معهم.
إنّ هذه الازدواجية هي واحدة من مظاهر أزمة اللغة العربيّة. لكنني أرى أنّ ما يحدّد اختيار الأجنبي في دراسته للعربيّة، هو الهدف من دراسته، فإن كان هدفه علميّاً وبحثياً فإنّه لا شكّ محتاجٌ إلى العربيّة الفصيحة، وإن كان هدفه التجارة والسياحة فهو محتاج إلى العاميّة، ومع ذلك فإنّ الذي يتعلّم العربيّة الفصيحة لا يصعب عليه أن يكتسب عبارات التعامل اليومي بين الناس بالعاميّة، فالعربيّة الفصيحة تسهّل عليه ذلك. لكنّه يبقى لتعلّم اللغة العربيّة الفصيحة فوائده التي لا تحصى.
 

الرأي

التعليقات
الأخوة والأخوات

نرحب بالتعليقات التي تناقش وتحلل وتضيف إلى المعلومات المطروحة عن الموضوعات التي يتم عرضها في الصحيفة، ولكن الصحيفة تحمل المشاركين كامل المسؤولية عن ما يقدمونه من أفكار وما يعرضون من معلومات أو نقد بناء عن أي موضوع. وكل ما ينشر لا يعبر عن الصحيفة ولا عن المؤسسات التي تتبع لها بأي شكل من الأشكال. ولا تقبل الألفاظ والكلمات التي تتعرض للأشخاص أو تمس بالقيم والأخلاق والآداب العامة.

الاسم
البلد
البريد الالكتروني
الرمز
اعادة كتابة الرمز
التعليق
 
   
جميع الحقوق محفوظة © 2024
المجلس الدولي للغة العربية